top of page
بحث

عن الجمال الذي نراه.

  • faisalalsulmi12
  • 11 سبتمبر 2020
  • 2 دقيقة قراءة
هل تسألت يومًا عن حقيقة ما تنظر إليه؟ عن هوية الأشياء وعن تفاصيلها الصغيرة؟

عندما طلبت من بعض الأصدقاء شرح ماهية الجمال، الأغلب تطرقوا للمفاهيم السطحية. فذهب أحدٌ منهم لطبيعة الألوان وتأثيرها الإيجابي على النفس، وآخرين ذكروا المعايير العالمية للوجه الجمالي الموجود في عارضات الأزياء، وانتهينا بخلاصة تُفيد بأن المشاعر الإيجابية التي تنعكس من منظر معين؛ هي ما تجعلهُ جميلًا. أذن الجمال هو الشعور الإيجابي المنبعث من ما نراه.


وأستطيع القول بأن الأصدقاء، يُمثلون شريحة كبيرة من الناس، الذين يختزلون الجمال في المظاهر السطحية وانبعاثاتها؛ نرى الجمال على الأسطح فقط، متجاهلين ما يقع خلفه.


هنا وجب نقد الحواس البشرية أولا، لأنها المسؤول الأول في تحديد الجمال، هي ما تجعلنا نأخذ الجمال بصورته السطحية، ونقيم عليه أحكامنا وقرارتنا. لذلك، وحتى نستطيع برهنة حقيقة الجمال، نحتاج لبرهنة ضعف مستقبله الرئيسي.



لنذهب في رحلة قصيرة لقرية ريفية في أحد الدول الخضراء.

في صباح وصولك، اندمجت عيناك في طبيعة هذا المكان، تلك الأشجار الكبيرة تُحيطك من جميع الاتجاهات، والسهول الخضراء تستحوذ على كل شبر من هذه الأرض، وورد البنفسج متمردًا من بينها. ولا ننسى نسائم الصباح التي تلحفك من جميع الاتجاهات، وكأن الرياح تُعير انتباها لضيفها الجديد.


وأنت تُقلب عينيك، تبدلت الأحوال، إذ أصبح كل ما تراه، هو اللون الرمادي، قد اختفى الجمال الذي تعتقده. هل هذا الشعور مُقلق؟ كيف يكون مُقلقًا وهذا هي حقيقة المكان؟ الألوان في الطبيعة ليسَ لها وجود تمامًا. السهول خضراء، لأنها تختزل كل أمواج الضوء بكافة أطوالها، ما عدا تلك الموجة التي تنعكس لعينك ويترجمها دماغك لما تُسميه أنت باللون "الأخضر".




إذن من المفترض أننا أدركنا حقيقة ما نراه، لكن ما رابط هذه الحقيقة بموضوعنا الأساسي؟

الجمال نراه من خلال هذه الحواس، ونترجمه بشكل لاشعوري في أعماقنا. الكثير يعتقد أن الجمال من السطح ويبقى على السطح أيضا، لا يتغلغل إلى الداخل أبدًا. والعكس صحيح، الجمال في عالمنا، يحدد الكثير من الأمور، فهو المسؤول عن الانطباع الأول، الذي يحدد سير الأمور. وهو المسؤول عن التحيزات الضمنية التي تقع في أعماق الفرد. انبعاثات الجمال تحدد الكثير من الأشياء، التي لا نشعر بها ولا نُدركها بسبب قصور حواسنا وقصورنا الفكري.

والمشكلة الحقيقية في هذه النظرة السطحية؛ أنها تمنعنا من الفهم العميق للجمال داخل أنفسنا.


عند رؤيتك لطفل يرتدي لباسًا بالي، وتظهر عليه مظاهر الاتساخ، أول ما تلفظ به تلك الكلمات التي تحمل اشارات سلبية مثل قبيح أو متسخ. وهذا بسبب تأثير الجمال على عقلك الباطني. لكن هل فكرت، ولو لوهلة، عن تأثير الجمال داخل هذا الطفل؟ هو اتخذ هذا المظهر فقط لتغطية جسده، ولم تُسعفه الحياة على شراء مظهر أجمل من هذا، وهو يفكر في المحافظة على كرامته بهذا اللباس، بتغطية عورته، وأنت في الجهة المقابلة قد حددت مدى قبحة واتساخه. أنا لا ألوم الأحكام التي تُطلقها، لكنني ألوم فهمك البسيط للجمال.


الجمال يُحدد الهوية، فالفتى في نظرك متسخ فهو قبيح، وندخل بعدها في سلسلة من الأفكار والارتباطات، حتى تخرج بحكم غير عقلاني. الجمال يمنعك من النظر للأمور المتفرعة، لحقيقة الأفراد، وهذا الأمر سيئ للنفس البشرية، تخيل أن هذا الجمال يساهم في تحديد الكثير من الأمور، تأثيره هائل جدًا عكس الفكرة السطحية التي نحملها.


نهايةً الجمال مفهومه العام مبهم إلى الآن، لكننا نُدرك مدى عُمقه في أنفسنا وفي الآخرين، لا يجب علينا أن نختزله في المظاهر السطحية، لابد أن ننظر لما وراء ذلك، لمحاولة الطفل في المحافظة على كرامته.



مراجع:

- مصطفى محمود / كتاب أينشتاين والنسبية.

- مالك بن نبي / كتاب مشكلة الثقافة.


حُرر في يوم الجمعة، الموافق

١١-٩-٢٠٢٠

 
 
 

المنشورات الأخيرة

إظهار الكل

Comments


Post: Blog2_Post

©2020 by Faisal's. Proudly created with Wix.com

bottom of page